مقبرة الاسماء

11-10-2020
02:02م

يتصل بي كهل من أقارب أبي يسألني عن العمل في دائرة حكومية لا أعرف عملها ولا أعرف أحدًا يعمل فيها، أتلقى كثيرًا اتصالات من هذا النوع وأتكفل بإنجازها، قبل أن ينهي اتصاله قال لي: “مشكور يا فلان” وخاطبني باسم والدي. اعتدت في طفولتي أن يناديني خالي -سهوًا- باسم والدي، وبعد وفاته انتقلت العادة إلى زوجته، فكانت تخطئ اسمي كل مرة وتضحك خجلة ثم تلوم نفسها وتصحح الأمر، حين أسترجع طفولتي أجد أن هذا لم يكن الاستثناء بل القاعدة، نعم كانت القاعدة أن أُنادى من قبل الكبار -على سبيل الخطأ- باسم والدي، قليلة هي المرات التي نوديت فيها باسمي، وكانت نداءات باهتة. خطأ الكهل هذا اليوم أيقظ فكرة مجنونة في رأسي! – في أيام أخرى لطيفة لم يكن الخطأ سيلفت انتباهي -، لكن الأيام الثقيلة تزيد الرهافة تجاه المفارقات.
لقد كنت أتلاشى منذ البداية خلف أسماء ليست لي، اسم والدي في طفولتي، وألقاب تنابزية في مراهقتي، وعشرات المعرفات بأسماء مستعارة كتبت بها في الشبكة، المعرفات التي قتلتها أثناء نومها بخنق هادئ.
كنت محكومًا بالأسماء التي ماتت دون جنازة محترمة؛ لأنه لا أهل لها.

رأيان حول “مقبرة الاسماء

أضف تعليق