رماد بارد

قلما ينفلت عني التماسك والهدوء، أحتفظ أمام الآخرين برباطة جأش نادرة، أعاملها كمسألة حياة أو موت، وكلما ضاقت روحي وشعرت بهذا الخيط ينفلت من يدي؛ أغلقت هاتفي خوفا من كتابة حرف واحد أكشف فيه عن دخيلة نفسي، أنا من البقية المنتمين إلى جماعة (وتجلدي للشامتين …) ، وأحد أولئك الذين يبتسمون وفي قلوبهم غيظ عظيم، فئة الدبلوماسية والهدوء الخادع والمجاملات الفارغة، أحمل في صدري جمرة مشتعلة تحت رماد وجهي الوادع، أصدق ما يمثلني هو مقولة (hulk) في فيلم (المنتقمون):
“هذا سري، أنا غاضب دائمًا”
“that’s my secret i’m always angry”

لكني مللت، ويؤذيني أن أخدع نفسي بأدوار بطولة انتهت منذ انقطع الأدباء عن كتابة الروايات التي يقاتل فيها النبلاء لحماية شرف العائلة، ومنذ توقف الممثلون عن أدوار شهداء العشق، ومنذ أن شنق آخر شهم بأمعاء آخر فارس، ومنذ توقفت الساحرات عن الطيران في أحلام الصغار.
لن ينتفض جدي السابع في قبره إن قلت أني بائس أطارد بؤسي ثلاثين عامًا وأغطيه بالسخرية والضحك والمجون كما أغطي وحمتي كثيفة الشعر في أعلى ذراعي.
لن ينهار صرح الكبرياء إن قلت أن هذه الحياة لا تشبه أيا مما أريد وأن سفينة صدري لم تعد تقوى الإبحار بكل هذه الأنقاض وعظام الموتى المتراكمة عليها.
____
بشكل مباغت فُتحت كاميرا هاتفي اليوم وبدا وجهي على الشاشة كغريب يُطل عليَّ، غريبٌ يضع عقاله في آخر رأسه، وتمتد لحيته وشاربيه بقدر المدة التي توقف فيها عن زيارة الحلاقين، غريب تنام الكلمات متشردةً في شوارع عينيه. غريب يقول عن حاله:
(لحيتي طالت
ووجهي لم يعد يغري.
ولي جفن .. يخبئ عينًا انطفأت..)
28 شعبان 1442هـ
10 إبريل 2021
03:10 صباحا

رأي واحد حول “رماد بارد

أضف تعليق