ورونا كشختكم

يستثير العيد قلقًا مخفيًا في نفوس المحبين، حيث يأتي في صورة الغاية من البهجة والمنتهى في التجمل والصلة المتجددة بكل أحد عدا المحبوب البعيد. يزداد القلق بتجدد أشكال الحياة الفرائحية في العيد، واستمرار الصلة بالمحبوب في رتابتها المألوفة. ويجترح العيد حزنًا نبيلًا في صلة المحبين، عندما تقوم أفراحهم فيه متوازية متباينة ومستقلة في صورة مسرات لا تعرف بعضها. أحوج كل ذلك المحبين على مدى الزمن إلى الاعتذار والتبرير بعشرات الطرائق والسبل. بداية من سلب العيد أسبابه وعوائده والتقليل من مظاهره وصوره كمن قال “أنشهد إن العيد بشوفك ولقياك ماهو بقول الناس عيدك مبارك” وقد يجعل لنفسه عيدًا يشترك مع الأعياد في الرؤية ويختلف في المرئي فيقول “العيد عيد الناس يبدأ بشوال والعيد عندي يبتدي يوم أشوفك” جاعلًا بذلك أعياد الناس مجازات وحاصرًا العيد على الحقيقة في محبوبه. وفي صورة اعتذار عن خطيئة الابتهاج بعيدًا عن المحبوب يقول أحدهم “العيد والله بشوفتك يا اكحل العين ماهو بشوفة ربعنا والجماعة” وهو يفتخر هنا بما لا يفخر به في غير هذا السياق، مستخدما مفردتي ربعنا والجماعة وما تحمله من دلالة الحمية والانتماء الرجولي الذي يتخلى عنه لصالح المحبوب ويعبر غيره في سياق استخفاف بكل أحد “وصافحت من لاقيت في العيد غيرها وكل الهوى مني لمن لا أصافح” وعندما لا يجدي كل ذلك حيلة يغبط المحب المكان والعيون وكل من يحيط بمحبوبه واعتبارهم هم من نال العيد حقًا بما لا يقوم مقامه أي عيد آخر فيقول “أهلٌ، تعيشينَ حتى الآن، بينهمُ طوبى لهم، لم يغبْ عن دارهم، عيدُ” ومع ذلك فقد ينجح المحب في اختراق ذلك والوصول إلى ما لا يمكن الوصول إليه، صديقي الذي خطب فتاة تعجبه أرسلت إليه موافقتها صباح العيد بعد طول ترقبه لرد منها: وختمت رسالتها بـ “أبعثها عمدا صباح العيد ليكون للناس عيدهم ولنا عيدنا” وقد استطاعت هذه البارعة أن تصنع لصديقي عيدًا لم ينساه. يفشل المتجردون من الحب والذكاء عن خوض هذا الصراع لذا يكتبون ببلادة في صباح العيد (من العايدين ورونا كشختكم).

رأي واحد حول “ورونا كشختكم

أضف تعليق