ترد هذه العبارة في سياق تهكمي على مبالغات بعض المنتسبين للثقافة، وترد في سياق حقيقي للتشكي من أثر المعرفة السوداوي على نفس المطلع والمتعلم. من يروي هذه العبارة مستنكرًا المشقة الناجمة عن العلم فهو قد يشير إلى سذاجة طفيفة في أمله أن يكون انكشاف الحقائق يحمل في طياته صورة وردية جميلة وهذا مناقض تمامًا لحقيقة المعرفة الشاقة. لكن الشكوى هذه من لعنة الوعي تكون حينًا نتيجة الفجوة بين العلم بالأشياء والعجز عن إحداث تغيير وفقًا لهذا العلم. (1) ويصبح الوعي في نظر الشخص حينها لعنة لأنه لم يتحول إلى أثر ملموس، كما لم يسلم من انكشاف الأشياء أمامه. وتتلبس كثير من المنتسبين للثقافة -وفقًا لاستعدادهم الطبعي والنفسي- حالة من السوداوية والتشكي من الوعي، وقد يتحول عدد منهم إلى الاستسلام تحت مبدأ حتمية الحياة والوجود وليس في الإمكان تغيير ما كان. لكن وإن عجز الإنسان عن تغيير شيء في واقعه فإن مهمة الوعي هي استبصار العارف بحقيقة الأشياء وتقليله من آثار الأمور السلبية على حياته وشخصيته، ومحاولته الدائمة في الحفاظ على أصالة نفسه وحياتها.
(1) – مثلً الوعي بآثار وسائل التواصل على العقل، وتوغلها في خصوصياتنا، وتحكم شركات التقنية، وعجز كثير من الناس عن الفكاك منها… وهذا مثال سطحي وهناك أمثلة أخرى لا يحتمل المنشور توسيع القول فيها