أيام وكتب لـ أحمد الحقيل

كتبت عن رواية أيام وكتب في التلقرام، ولكني شعرت بالحاجة لمزيد كتابة عنها؛ فعدت إلى فصول منه ودونت ملاحظات عدة، ثم صرفت النظر عن الفكرة؛ لأن هذا النوع من الكتابة المسهبة الشارحة التي تُعد (نقدًا) ليست من اختصاصي، ولأن القارئ يستحق مساحته في القراءة – على وجه الخصوص في الأدب -وهو خالٍ من حصره في نظرة تأويلية واحدة، أو سلبه لذة التفكير بالمقروء. ولما أجده في نفسي من نفور عن هذا النوع المبالغ في التوضيح وكأن القارئ بليد ذهن لا تكفيه اللمحة العابرة للفهم، والكتابات النقدية الحالية في معظمها، كتبت لتكون دليلًا على فهم الباحث، لا لتنشر دليلًا إرشاديًا للقارئ الغبي.
على كل حال كتب بعضهم عن لغة الرواية، وطريقة الكتابة، والنواحي الفنية الأخرى فيها، وهي جوانب جديرة بالكتابة لكن هناك نقطة مميزة في جوهر العمل، شعرت بحاجة لوضع الضوء عليها.(1)
المميز في الرواية توصيفها لحالة ملموسة في مجتمعنا بالذات، حالة البقاء معلقًا بين وعي وأفكار فقدت جاذبيتها، أو صارت مع التغيرات المتسارعة أفكارًا فائضة، مسلية، وعديمة القيمة، وبين زمن جديد هو زمنه عمرًا ومعيشة، لكنه يحاول الركض للحاق بما يجري فيه. حالة المثقف الذي يستخدم في تفسيره ومخاطبته لغة وطرقًا صارت مضحكة وتبعث على الشفقة، مع محاولته أن لا يتشبث بها وأن يبدو ابن وقته متخليًا عن الكثير من الأفكار واللغة والسلوك، لكن بالنهاية يعجز عن ذلك ويفشل في أن يفهمه الآخرون حتى، فيجد نفسه يعيش داخل الوقت وخارجه، داخله مسلوبَ التحكم راميًا من سفينته كل الثقل القديم،وخارج الوقت في كهف معزول بأفكاره واهتماماته ولغته، الكهف الذي يتضخم تضخما إلى الداخل ويعجز أن يكون لهذا التضخم أي وجود يحقق له مكانة في وقته، الكهف الذي صارت مكتبته بكل مافيها رمزًا له.

أعود أخرى للإشادة بالعمل وأنقل ما قلته بالتلقرام عنها:
“من أجمل الأعمال السردية العربية التي قرأتها، أرادها رواية وكانت رواية وأكثر، تجاوزت أن تكون عملًا جميلًا بالنسبة لي إلى أن تصبح ضمن الخيارات التي سأقترحها حين يُطلب مني التوصية بكتاب للقراءة ، العنوان يوهم أنها إضافة جديدة مملة لحكايا المثقفين عن الكتب، لكن المكتوب شيء آخر.”
إضافة غير مهمة: في ظهيرة سبت أكتب هذه التدوينة على غير عادتي في الكتابة ليلًا وبعد نشر التدوينة انتبهت إلى التشابه مع بطل الرواية في طريقة قضاء نهارات الإجازة



1- لا أعلم إن كان الكاتب نفسه سيتوافق مع ما أقوله أم لا لكني هنا سآخذ بنظرية موت المؤلف، مدفوعًا بصنيع الكاتب نفسه حين جرد نفسه من العمل واقتبس من نفسه في أحد الفصول ومستشهدًا بنفسه .. حيث كتب في أحد الفصول ” يقول أحمد الحقيل …” أو عبارة مشابهة وأنا أكتب التدوينة والعمل بعيد عن يدي حاليًا.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s