كل من ينام يغدو صبيا مجددا
فرناندو بيسوا
عزيزتي:
أنتقم من الحياة بالأحلام، لا أعني تمني الأمور العظيمة وتخيل حياة وردية؛ أعني أحلام النوم، علاقتي بالأحلام تتجاوز الانتقام لتصبح شيئا روحانيًا، بعد سنوات حين أتقاعد سأسدل شعر رأسي وأترك جوانب وجهي يخطها الشيب وأنشئ فرقة خرافية تؤمن بالأحلام رسالة كونية، وحين أجمع من أتباعي مبلغًا مجزيًا سأشتري منزلًا فخمًا وأغلق متجر الكتب الذي أفلسني وأهرب إلى إيطاليا، هذه الفكرة ليست من أحلام المنام، وين كنا؟
أحلم مرارًا برجل جاد يقف أمامي ويبلغني بأشياء يجب تنفيذها، مثل أن أغلق نافذة المتجر لأن السماء ستمطر صباحًا، أو أن ورقة إجازتي فُقِدت لدى الموارد البشرية وحين أستيقظ أجد ما قاله وقع فعلًا.
قبل ثمانية أشهر وفي بلد غريبةٍ وحالة عصيبةٍ، حلمت بعزيزٍ علي يحتضنني بلا مناسبة وقمت من نومي نشيطَ القلب متماسكًا، وبعد أيامٍ علمت أن وقت يقظتي من النوم وافق تفكير هذا الشخص بي ودعائه.
ومع ذلك تتخلص ذاكرتي من الأحلام سريعًا. الحلم الوحيد العالق برأسي كان قبل 10 سنوات؛ حلمت بفتاة تقف على جانب الطريق، يفصلني عنها رصيف إسمنتي، وحين وقفت لها طلبت بلطف أن أوصلها، ومدفوعا في بلطف زائد قلت: سأستدير بالسيارة وأعود إليك لا تقفزي من فوق الرصيف. بعد 300 متر أضعت الطريق وبقيت أدور في تعرجات تبعدني عنها حتى استيقظت بغصة شديدة علقت في حلقي يوما كاملًا.
بطريقة ما استعيد هذه الغصة حيال كل مسافة تفصلني عنك الآن.